جائزة ديوان – مسابقة بيت شباب المدينة: اعرف اكثر عن الحياة اليومية في مدينة الصدر

مع تركيز جائزة ديوان- تميُّز للعمارة لسنة ٢٠٢٠ على تصميم بيت الشباب في مدينة الصدر، يقدم لنا شخص مقيم في مدينة الصدر فكرة عن طبيعة الحياة اليومية.

جائزة ديوان للعمارة هي جائزة عالمية تركز على تقديم تصاميم منبثقة عن التحديات في العراق، و قد أسُست هذه الجائزة في سنة ٢٠١٨ كجزء من برنامج جوائز تميُّز الذي يحتفي و يحتفل بأفضل الإنجازات في فن العمارة. و الجائزة تحمل اسم مؤسسة ديوان المعمارية و مدعمة من قبلها، و هي واحدة من المؤسسات المعمارية القيادية في العالم. تعلن الجائزة عن موضوع المسابقة السنوي لكل دورة، و تدعو المشاركين لكي يقدموا أفكارهم المعمارية التي تتناسب مع موضوع المسابقة.
 
موضوع جائزة ديوان لسنة ٢٠٢٠ هو “مجمع بيت الشباب في مدينة الصدر”، و هو حي في مدينة بغداد. تطلب المسابقة من المشتركين تصميم مجمع للشباب متعدد الانشطة مع ساحة عامة، و بذلك خلق مركز ثقافي شبابي و الذي من الممكن ان يحتضن مناسبات ثقافية و اجتماعية متعددة.
 
نحاور هنا مواطن من مدينة الصدر و الذي سيقدم لنا لمحة عن الحياة اليومية لهذه المنطقة في بغداد.
 
لقراءة موجز جائزة ديوان كاملاً، يمكنكم زيارة موقع تميُّز الالكتروني هنا.

هل من الممكن ان تعطينا موجز عن تاريخ مدينة الصدر؟
 يمكن لكل من يأخذ نظرة على عراق اليوم ملاحظة التأثير العميق لمناطق محددة على تشكيل واقعه. تفتقد مدينة الصدر العمق التاريخي الذي يجعلها قادرة على منافسة مدن مثل بغداد او سامراء او أي مدينة عراقية أخرى معروفة؛ مع ذلك، فلقد كانت مدينة الصدر قادرة على تطوير هويتها الخاصة، و بالأخص لكون المدينة و سكانها قد فصلوا عن مناطق أخرى في بغداد و العراق بصورة عامة.
 
لم يكن لمدينة الصدر ذكر معين قبل خمسينات القرن المنصرم. فلم تكن اكثر من مكان يسكنه مهاجرين قدموا من جنوب البلاد بحثاً عن فرص اكثر في العاصمة. كانت تسمى في هذه الفترة “صرايف”، و لم يكن للمقيمين فيها أماكن سكن مناسبة، و لذلك استخدموا الخشب و المعادن و الواح من القماش لصناعة السقوف فوق رؤوسهم. لكن كل ذلك تغير في سنة ١٩٥٨، بعد الانقلاب العسكري الذي حول العراق الى جمهورية. امر الحاكم الجديد آنذاك، عبد الكريم قاسم، ببناء مدينة جديدة تناسب هؤلاء المهاجرين في بغداد. و بذلك كانت المدينة حاضنة لعدد من الداعمين لحكمه (حكمه الذي لم يدم طويلاً). اطُلق اسم “الثورة” على هذه المدينة الجديدة.
 
بعد ان تمت الإطاحة بعبد الكريم قاسم في سنة ١٩٦٣، نقل حزب البعث الحاكم آنذاك الحكم من رئيس لآخر، حتى استولى عليه صدام حسين في سنة ١٩٧٩. غير صدام حسين اسم المدينة الى مدينة صدام- اسم آخر لم يدم طويلاً كذلك.
 
تغير اسم المدينة مرة أخرى في سنة ٢٠٠٣، خلال احتلال بغداد، الى مدينة الصدر. كان ذلك تيمناً برجل الدين محمد صادق الصدر. يُعتبر الصدر واحد من رجال الدين المهمين الذين واجهوا صدام حسين في تسعينات القرن المنصرم، و قد تم قتله من قبل نظام صدام حسين في سنة ١٩٩٩. و من بين رجال الدين و المدارس الدينية التي كانت داعمة له، كان للصدر تأثيراً كبيراً على مدينة الصدر بالتحديد.
 
 
كيف تبدو الحياة اليومية في مدينة الصدر؟
 كأي حي شعبي، لا تبدو الحياة اليومية في مدينة الصدر واضحة، تسود على نسقها الاحداث و الأنشطة العشوائية اغلب الأيام، لكن هنالك عنصراً مشتركاً في ذلك، و هو الصخب في كل شيء. تشرق الشمس بصخب العاملين المتوجهين لمواقع عملهم خارج و داخل المدينة، و الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان المدينة. هنالك كذلك ضجيج الموظفين الحكوميين، الذين تزدحم سياراتهم في مخارج المدينة و هم متجهين لدوائرهم. أدى ذلك لتشكيل هوية مميزة للمدينة  ليس لها مثيل في أي منطقة أخرى في بغداد، و عادة ما يفتقد سكان مدينة الصدر هذه الهوية حالما يتركوها.
 
كيف تبدو البيئة المبنية في مدينة الصدر؟ كيف تبدو بالمقارنة مع المناطق الأخرى في بغداد؟
 تبدو البيئة المبنية في مدينة الصدر مزدحمة. اول ما يخطر في بالي حين افكر في المدينة ببناياتها القليلة، بالمقارنة مع بقية مناطق بغداد، هي انها منطقة ذات كثافة سكانية عالية. بالمقارنة مع المناطق الأخرى في بغداد، يمكنني القول ان المدينة قد صُممت بمساحة ١٤٤ متر لكل بيت. بينما صُممت البيوت في مناطق أخرى من بغداد، كمنطقة اليرموك مثلاً، بمساحة ٨٠٠ متر.
 
اكثرما يُمكن ان يلاحظه الفرد عن المدينة هي تصميمها الشبكي الذي تبناه المخطط اليوناني كونستانتينوس دوكسيادس في سبيل صنع اقسام منفصلة متشابهه. و هذا امر لا نراه كثيراً في مناطق بغداد الأخرى.
 
هل هنالك مناطق خاصة للتجمعات الشبابية في مدينة الصدر، او في المناطق القريبة الأخرى؟
 ان المشكلة الأكبر في المدينة تكمن في كونها لم تأخذ بنظر الاعتبار الزيادة السكانية التي حدثت مع الوقت في تصاميمها الأساسية، و تتراوح الكثافة السكانية الان بما يقارب خمس اضعاف ما تستوعبه المدينة اساساً. هذا يؤثر بدوره على نطاق الخدمات الصحية او الرياضية في المدينة. ليس هنالك مساحة حضرية كافية لاستيعاب هذه الزيادة السكانية، ناهيك عن الخطط الحالية التي ان تواجدت فأنها تركز فقط على حل مشكلة السكن بدلاً من خلق حياة تليق بساكنيها.
يمكن القول بأن مشكلة الافتقار للمساحات الحضرية المناسبة للمقيمين في المدينة لها تفسير يتعلق بالتخطيط، و التي كبرت مع الوقت مع الزيادة السكانية خلال الوقت.
 
ما الذي يجب ان يأخذه بنظر الاعتبار بيت الشباب في مدينة الصدر؟
 لا استطيع ان افكر بنشاط محدد و ذلك لان المدينة تحتاج بشدة لكل أنواع الأنشطة التي تتبادر الى الذهن، لكن الامر الذي يجب ان يتوفر على كل حال هو إحساس الالفة. فيحب ان لا يكون بيت الشباب كمركبة فضائية غريبة، ليس لها علاقة بسياق المدينة و تاريخها و تجربتها. و بذلك، فمن من الممكن تضمين مثلاً حوض سباحة في المشروع.
 
ما الذي تفتقده مدينة الصدر و بالمقابل يمكن توفيره في مشروع بيت الشباب؟
 ما تفتقده المدينة هو المساحة الكافية داخلها، هذا اهم ما يمكن ان افكر به. كان هنالك دوماً مساحات صغيرة متنوعة خاصة بمجموعات معينة لممارسة انشطتهم، لكن لم يكن للمدينة مساحة حضرية كبيرة خاصة بسكان المدينة ككل لممارسة انشطتهم المختلفة.