مقابلة: المهندس المعماري العُماني علي بن جعفر اللواتي يتحدث عن تجربته في اطلاق البرنامج الاذاعي المعماري الاكثر نجاحاً في الشرق الاوسط

ضمن سلسلة مقابلات مع المرشحين لجوائز تميّز لعام 2020، تحاور مجلة المدينة المدورة المهندس المعماري العُماني علي جعفر اللواتي و المرشح لجائزة محمد مكية للشخصية المعمارية الشرق اوسطية. في هذا الحوار نتعرف على بدايات مسيرته المهنية الهندسية و الاذاعية، مشاريعه و دوره في المساهمة في نشر الوعي حول العمارة بين عامة الناس.

اشتهر المهندس المعماري علي بن جعفر اللواتي ببرنامجه الإذاعي العربي الذي يناقش قضايا مهمة تتعلق بالبيئة المبنية. اختير علي اللواتي ضمن القائمة المختصرة لجائزة محمد مكية للشخصية المعمارية الشرق اوسطية لعام 2020 ، وهو مهندس معماري عُماني ومقدم برنامج إذاعي مختص مقيم حاليًا في المملكة المتحدة. تشمل برامجه الإذاعية ، التي تبث على قناة إذاعة سلطنة عُمان : “الهندسة المعمارية في عمان” ، “العمارة الاسلامية” ، “العمارة المستدامة ” ، “العمارة الإسلامية” ، “صنّاع العمارة” ، والمزيد. وبينما كانت برامجه الإذاعية باللغة العربية في الغالب ، أطلق في عام 2019 عرضًا باللغة الإنجليزية بعنوان “صوت العمارة”.

غالبًا ما يدعو اللواتي المهندسين المعماريين و المختصين بالمجالات المرتبطة بالبيئة المبنية للتحدث عن القضايا الملحة على أمل نشر الوعي بين المستمعين. برامجه الإذاعية لها جمهور في أنحاء الشرق الأوسط ، من عُمان إلى المملكة العربية السعودية والعراق و مصر، مما يجعله أول برنامج إذاعي إقليمي معماري مستمر بدون توقف و باللغتين العربية والإنجليزية. كان أحد إنجازاته الرئيسية حتى الآن هو إنشاء منصة للمعماريين للتواصل مع الجمهور بشكل مباشر، مما يقلل الفجوة بين المعماريين والمخططين وصناع القرار وعامة الناس.

هنا ، يشاركنا المعمار علي اللواتي بالمزيد عن نفسه وعن مشاريعه.

هل بإمكانك أن تعطينا نبذة عنك؟

ولدت ونشأت في مدينة مسقط ، عاصمة سلطنة عمان في حي تراثي قديم ذي قيمة تاريخية ومعمارية مميزة ما كان له الاثر في اهتمامي بالتاريخ وأحد العوامل للالتحاق بقسم الهندسة المعمارية بعد إنهاء الثانوية. في سنوات الدراسة كنت أعمل بالنظام الجزئي في مكتب للاستشارات المعمارية يملكه أحد أفراد أسرتي وهو خالي المهندس مرتضى آل عيسى الذي كان أحد أوائل المعماريين العمانيين حيث أن المهنة لا تزال حديثة في المنطقة، وكان له الأثر في تشجيعي لدراسة العمارة وتدريبي على أدوات الرسم. بعد التخرج التحقت للعمل بوزارة الثقافة والشباب والرياضية كمهندس معماري وعملت مع فريق لانشاء مختلف مشاريع البنية الاساسية الرياضية كالجمعات والأندية والمراكز الرياضية وتدرجت في العمل حتى أصبحت رئيسا لقسم إعداد المناقصات. اهتمامي بالتاريخ لم أتركه والتحقت للعمل كمحاضر بالتعاقد الجزئي بقسم الهندسة المدنية والمعمارية بالكلية التقنية العليا بمسقط لتدريس مادة تاريخ العمارة. وإلى جانب القطاع الهندسي، أعمل في القطاع الاعلامي معدّا ومذيعا لبرامج اذاعية ثقافية متخصصة بالعمارة. قمت بإعداد برنامج “الهندسة المعمارية في عمان” (2016) و”العمارة الاسلامية” (2017) و”العمارة المستدامة” منذ (2016 وحتى 2019) و “صنّاع العمارة” (2018) و”حكاية مبنى” (2019) و “صوت العمارة” (2019-حتى الآن)

يحظى برنامجك عبر إذاعة سلطنة عمان بشعبية كبيرة، حدثنا عن تطور البرنامج في الاعوام السابقة.

انطلق البرنامج في عام 2016 وكان موسمه الأول ناجحًا، حيث كان أول برنامج ثقافي متخصص في العمارة والبيئة العمرانية. طبعا هناك برامج أخرى انطلقت في المنطقة العربية لكنها لم تستمر وأذكر أحدها استمر لموسمين فقط. أعتقد انني الوحيد الذي استمر لمدة خمس سنوات ولازلت مواصلا. هناك صعوبات تواجه الاعداد للبرامج التخصصية وأعزو السبب وراء استمرار البرنامج الى الجهد في الإعداد الذي يتطلب قضاء ساعات في البحث عن المعماريين الذين قدموا تصاميما جيده، بالإضافة إلى الاستمرار في متابعة الجديد في العمارة بشكل يومي ومتابعة مختلف المنصات والمجلات المعمارية. التحدي يكمن في الوصول إلى الضيوف، فبعضهم في بلدان أخرى ويتطلب الانتقال والسفر ومقابلتهم في بلدانهم وتسجيل الحلقات ومن ثم بثها في مسقط. أنتهز فرصة السفر لحضور الفعاليات والمعارض والمؤتمرات المعمارية في دول أخرى وقد سافرت إلى عدة دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ولبنان والأردن ومصر لحضور بعض الفعاليات، وتسجيل الحلقات مع كبار المعماريين وبالطبع فعاليات مؤسسة تميّز هي واحدة من الأبرز والأفضل للقاء المعماريين. انعكس ذلك في توسعة قاعدة الضيوف والمستمعين معا من بلدان مختلفة وأصبح البرنامج معروفا في الاوساط المعمارية.

لماذا قررت إطلاق البرنامج بنسخة باللغة الإنجليزية؟

شخصيا أظن أن الدول الأوروبية لديها خبرة أطول وأكثر تنظيما في مجال العمارة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط حيث لا تزال المهنة حديثة نسبيا. على سبيل المثال، يبلغ عمر بعض الجمعيات المعمارية هناك أكثر من 100 عام. كما ويعمل عدد كبير من المهندسين والمعماريين الأجانب في منطقة الخليج ولا يتحدثون العربية. وجدت أن إطلاق نسخة باللغة الإنجليزية ستساهم في إبراز المتحدثين غير العرب وتقديم مادة جديدة والوصول إلى قاعدة أوسع من الجمهور أيضًا. فبعد 4 أعوام من الخبرة في إعداد وتقديم البرنامج الإذاعي باللغة العربية؛ قدمت فكرة النسخة الجديدة لمدير إذاعة سلطنة عمان الأجنبية لإطلاق برنامج (صوت العمارة) ولقيت منه الدعم والرعاية وكانت فرصة بالنسبة لي لتجنب الأخطاء التي واجهتها سابقًا في النسخة العربية وفرصة لإعادة هيكلة البرنامج وأطلاقه في نسخة محدثة وجديدة كليا.

أنت مقيم حاليًا في المملكة المتحدة، أخبرنا عما تفعله هناك؟

حاليًا، أتواجد في انجلترا لغرض الدراسة العليا للحصول على مؤهل الدكتوراه من جامعة ليفربول، ومستمر في تقديم البرنامج من مقر إقامتي بالمملكة المتحدة حيث أسعى جاهداً للقاء المعماريين المقيمين في بريطانيا والتواصل مع العديد من المكاتب المعمارية في لندن والمدن البريطانية الأخرى، والتنقل بين الجامعات والمعاهد الأكاديمية والجمعيات المعمارية لاستضافة معماريين جدد في كل أسبوع. سافرت إلى مملكة نيثرلاندز في وقت سابق من هذا العام وزرت عاصمتها أمستردام ومدينتي روتردام وأوتريخت والتقيت هناك بمعماريين هولنديين. أخطط للسفر بين المدن الأوروبية في السنوات الثلاث المتبقية القادمة من مدة دراستي وحضور الفعاليات المعمارية والمحاضرات والمعارض للتواصل مع المعماريين والمكاتب من أجل البرنامج، الذي أهدف من خلاله إلى خلق تواصل وتبادل للخبرات والأفكار بين المعماريين المقيمين في أوروبا والشرق الأوسط من خلال أثير المذياع.

ماذا تأمل أن تحقق من خلال برنامجك الإذاعي وتساهم به للمجتمع المعماري وعامة الناس؟

تكمن إحدى الإنجازات الرئيسية حتى الآن خلق فضاء للمهندسين والمعماريين وقناة للتواصل مع الجمهور بشكل مباشر، في لغة غير نخبوية، مما يساعد على تقليل الفجوة بين المهندسين والمعماريين والمخططين وصناع القرار وعامة الناس.

المساهمة الأخرى هي نشر الوعي حول العمارة بين عامة الناس فأنا ما زلت أقابل أشخاصًا لا يفرقون بين المعماريين ومقاولي البناء وهناك خطأ شائع بأن الهندسة المعمارية ليست سوى رسم خريطة على قطعة من الورق، ولكن الحقيقة هي أنها تؤثر على جميع مناحي الحياة. للأسف، فإن بعض الممارسات من المعماريين أنفسهم تعزز هذا المفهوم. أعتقد أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا قويا لتغيير الرأي العام المتعلق في أذهان الناس عن العمارة ومن خلال البرنامج الإذاعي نعرّف العمارة ومعمارييها للعوام بشكل مبسط وكيف يمكن للمهندسين والمعماريين تغيير المباني إلى أماكن أفضل للعيش الى جانب التعريف بالمباني التراث المعماري الذي تزخر به المنطقة.

هل لديك أي مشاريع قادمة يمكنك مناقشتها معنا؟

بالطبع سأستمر في إعداد وتقديم البرنامج الإذاعي وتحسينه، لكن يمكنني مشاركة انني بدأت هذا العام مع فريق عمل لتحويل الحلقات التي يتم بثها من ملفات صوتية إلى نصوص مكتوبة. ستكون أفضل المقابلات الاذاعية متاحة ضمن كتاب يحتوي بين دفتيه لقاءات مع معماريين معروفين وأفكار تستحق القراءة. ونحن في طور البحث عن ناشر لدعم الكتاب وتوزيعه في معارض الكتاب الدولية.

ما هو انطباعك لترشيحك للقائمة القصيرة النهائية لجائزة محمد مكية لهذا العام.

يشرفني أن أكون أول عماني أرشح لهذه الجائزة المرتبطة باسم المعماري العراقي الكبير الدكتور/ محمد صالح مكية الذي كانت آخر أعماله المعمارية تصميمه لجامع السلطان قابوس الأكبر في مسقط والذي يعتبر إحدى الروائع في العمارة الاسلامية. بالطبع محمد مكية كان له ارتباط وثيق بسلطنة عمان منذ بدايات النهضة فقد كان يزور مدينة مسقط والمدن العمانية الاخرى للعمل وعلى اتصال دائم بالمعمارين العمانيين مثل المعماري والشاعر سعيد الصقلاوي كما وقد قدّم مقترحا عمرانيا لتطوير مدينة مسقط ود نشر في صحفة عمان في منتصف الثمانينات.