بالنسبة لي، فإن الدكتور خالد السلطاني، هو مؤسسة وليس فرداً. لا أقصد فقط الجانب الكمّي والنوعي بمساهماته وأعماله المكتوبة والمشيّدة، بل أيضاً عن الاحتواء والمساندة بالروح التربوية التي تمنح الآخرين الدعم بسخاء حب المهنة ورغبة المنح للارتقاء بها، بدوام اشاعة ثقافتها وتهذيب حواراتها.
عند بحثنا عن نص معماري متوفر للجميع، نعثر على كتابات خالد السلطاني، فهي تمثل الفكر التنظيري الأكاديمي، الذي يشكل نقطة تحول في النص المعماري، ونقطة التحول هذه تصب في فكرة سهولة الوصول والحصول على النص، الذي لعبَ دوراً في تثقيف العامة من قراء الجرائد والمجلات وإطلاعِهم على المنتج الثقافي المعماري.
حين نودّ الحديث عن إنسانٍ تركَ بصمةً في حياتنا، لن يكون من السهل اختصار الأمر بالكلمات، وحين يكون الحديث عن خالد السلطاني لن يبدو الأمر سهلاً بالنسبة لي. ولكن، ربّما سيكون الأمر أقلَّ صعوبة لو بدأت بالحديث عن أوّل يوم لي في دراستي الجامعية.
يتحرك الفكر المعماري وفلسفته في فضاءاته الخاصة بعيدا ً عن القاريء العادي – إن صح القول – فلا يقتحم هذه الكتابات / القراءات الا المتخصصين فيها أو بعضهم، ويحجم الاخرون عنها. غير أن كتابات السلطاني أستطاعت بسلاستها أن تكسر هذه الحواجز لتكون مرتعا ً خصبا ً لقراء ٍ من توجهات شتى.
فاذا كانت رواية يوليسيس لجيمس جويس، تخبئ بين سطورها شفرة مدينة دبلن، حتى قيل إنها لو محيت من الوجود، فسيعاد بناؤها انطلاقاً من جولتي بطليها ليوبولد بلوم وستيفن ديدالوس في الرابع من حزيران ١٩٠٤، فإن صورة بغداد الحداثية مخبؤه في عدسة خالد السلطاني وكتاباته.
هذه المقالة في ثمانينية الصديق والزميل خالد السلطاني، هي مجرد امتنان ودعاء له بالصحة والسلامة والنتاج الوافر. من مفردات السلطاني "المنتج الثقافي المعماري"، نعم لا ادعه يحتكر هذه التسمية، فأبو الوليد كان اول من وضع هذه التسمية وهذا التنويه، التعريف بمجموعة منتخبة انتخبها هو لأمور هو يختارها، وعرفها على قراء الصحافة اهل المعرفة.